المكتبة الكونية وحلمُ الإنسان الأول

**

تشيـيد مكتبة كونية هو أحد أحلام الإنسان على امتداد العصور ومختلف الحضارات المتعاقبة، فجميع الامبراطوريات والحضارات التي قامت على وجه الأرض اهتمت في بناء مكتبة شاملة جامعة لكل الكتب والمخطوطات لما في ذلك من أهمية في حفظ العلوم وتراكم المعرفة التي على أساسها تـتقدم الأمم والشعوب.

أول مكتبة عالمية تم إنشاؤها كانت على يد بطليموس في القرن الثالث قبل الميلاد في مدينة الإسكندرية، سُمّـيت بمكتبة الاسكندرية العظمى، وكان الهدف منها أن تصبح مكتبة عالمية تضم جميع الكتب من مختلف اللغات، وبالفعل فقد حوت هذه المكتبة على حوالي نصف مليون كتاب من معظم اللغات المكتوبة آنذاك. كما أن المكتبة كانت تحتوي على قاعات للمحاضرات وحدائق وركن للفنون، وكان بداخلها قسم للمتحف.

مع تسابق الزمن وتطور آلات الطباعة وتوفر الكتاب بأسعار زهيدة بدأت فكرة انشاء مكتبات عامة في كثير من المدن العالمية أمراً سائداً، فمثلاً في بداية القرن العشرين كان هناك مكتبة عامة في معظم المدن والبلدات الأمريكية التي يفوق عدد سكانها على ٢٥٠٠ نسمة!

في المدن الكبيرة مثل مدينة لندن توجد مكتبات لكل بضعة أحياء، حتى يتمكن كل شخص من الوصول إلى مكتبة عامة مستخدماً أقدم وسيلة تـنقل …القدمين، كما باستطاعته استعارة او طلب من المكتبة توفير أي كتاب طالما أنه يقطن في الأحياء المجاورة للمكتبة، كما فعل ايلون ماسك-رئيس ومؤسس شركة تيسلا و SpaceX- عندما كان في جنوب أفريقيا حيث قرأ جميع الكتب الموجودة في مكتبة مدرسته وفي مكتبة الحي الذي كان يقطنه، حتى أنه كان يتشكى من مكتبة الحي في عدم توفير كتب جديدة بالسرعة التي يلتهم فيها الكتب.

مع التطور التكنولوجي الهائل في عالم الديجيتال يبدو أن حلم الانسان الأول في انشاء مكتبة كونية قد اقترب من التحقق، فشركة قوقل بدأت في مشروع عملاق لمسح وتصوير وتحويل جميع الكتب والمخطوطات والصحف والمجلات بجميع اللغات، منذ أن عرف الانسان الكتابة، إلى نصوص يمكن قراءتها والبحث فيها، والجميل في الأمر أن هذه المكتبة الكونية سوف تكون متوفرة في جيب كل واحدٍ منّا، وسيصبح الوصول لأي كتاب وبأية لغة سهلاً يسيراً، عبر لمس زجاجة السوبر كمبيوتر الصغير بإصبعٍ واحد، كما أن الترجمات اللغوية لهذه الكتب والبحوث والمجلات سـوف يُـصبح فورياً من خلال الذكاء الإصطناعي في الحوسبة السحابية.

*لا عذر لوجود الجهل بعد هذا اليوم*…

_________________

أضف تعليق